تصوير موظفي الشرطة بمكاتبهم دون موافقتهم يعتبر مساسا بالحياة الخاصة| محكمة النقض الفرنسية

قرار محكمة النقض الفرنسية، 
الغرفة الجنائية، بتاريخ 12 مايو 2021
• رقم الملف: S 20-86.184 F-D
• الرقم التسلسلي: 00564
• الرقم المرجعي (ECLI):
lFR:CCASS:2021:CR00564 

❐ مفتاح القرار:
تصوير موظفي الشرطة داخل مكاتبهم دون موافقتهم - مفهوم المكان الخاص الذي يعتبر التصوير فيه مساسا بالحياة الخاصة للغير بغض النظر عن الباعث - اعتبار مكاتب الشرطة مكانا خاصا - نعم
تصوير رجال الشرطة داخل مكاتبهم ودون إذن منهم يعتبر اعتداء على الحياة الخاصة للغير

❐ وقائع القضية:
بدأت الأحداث عندما تم استدعاء السيد [A] إلى مخفر للشرطة. خلال تواجده هناك، قام بتصوير داخل المخفر وموظفين من الشرطة بواسطة هاتفه المحمول. لم يكتفِ السيد [A] بذلك، بل عمد إلى نشر الفيديو الذي التقطه على إحدى الشبكات الاجتماعية. بعد التبليغ عن محتوى هذا الفيديو، فُتح تحقيق في الواقعة، وخلال مجريات التحقيق، أقر السيد [A] بأنه قد صور موظفين من الشرطة في مكاتبهم دون الحصول على موافقتهم.

❐ الإجراءات:
بناءً على الوقائع المذكورة، تمت متابعة السيد [A] بتهمة المساس بالحياة الخاصة للسيد [V]، وهو موظف شرطة، وذلك وفقاً لإجراء المثول بناءً على الإقرار المسبق بالذنب. وقد صادق وكيل الجمهورية على اقتراح العقوبات المقدم في هذا الشأن بموجب أمر صادر بتاريخ 19 يونيو 2020، والذي شمل أيضاً البت في المطالب المدنية. غير أن السيد [A] لم يقبل بهذا القرار، فقام باستئنافه أمام محكمة الاستئناف. وقد قضت محكمة الاستئناف ببراءة السيد [A] من تهمة المساس بالحياة الخاصة للسيد [V].

ولكن، وكيل الجمهورية لدى محكمة الاستئناف بدواي طعن في هذا القرار بالنقض، معتبراً أن محكمة الاستئناف قد خالفت المواد 226-1 من القانون الجنائي، و591 و593 من قانون الإجراءات الجنائية. وقد ارتكز الطعن على أن قرار البراءة كان خاطئاً، حيث إن محكمة الاستئناف عللت قرارها بأن نية المتهم (السيد [A]) لم تكن المساس بالحياة الخاصة لموظفي الشرطة، بل كانت تهدف إلى إظهار حياته اليومية والترويج لنفسه. في المقابل، أكد الطاعن أن المادة 226-1 من القانون الجنائي تنص صراحة على أن مجرد تثبيت أو تسجيل أو نقل صورة شخص متواجد في مكان خاص دون موافقته يشكل مساساً متعمداً بالحياة الخاصة، وأن الباعث أو الدافع وراء فعل المتهم لا يغير من طبيعة الجريمة ولا يؤثر في قيامها.

❐ التعليل:
في ردها على الطعن، استندت محكمة النقض إلى المادة 226-1 من القانون الجنائي، مؤكدة أن هذه المادة تجرم فعل تثبيت أو تسجيل أو نقل صورة شخص متواجد في مكان خاص دون موافقته، باعتباره مساساً متعمداً بالحياة الخاصة.
ولقد أوضحت المحكمة أن مفهوم "المكان الخاص"، حسب النص القانوني، يشمل أي مكان مغلق لا يمكن دخوله إلا بإذن من شاغله المعتاد.
وقد لاحظت محكمة النقض أن قرار محكمة الاستئناف بالبراءة استند إلى أن المتهم قام بتصوير موظفين من الشرطة في مدخل المخفر ثم في مكاتبهم دون موافقتهم وعلمهم، ثم نشر الفيديو على شبكة اجتماعية، واعتبر (أي القرار الاستئنافي) أن مكاتب موظفي الشرطة تعد مكاناً خاصاً.
ومع ذلك، خلصت محكمة الاستئناف إلى أن جريمة المساس المتعمد بالحياة الخاصة لم تتحقق، معللة ذلك بأن نية المتهم كانت تهدف إلى عرض وثائقيات عن حياته اليومية والترويج لنفسه، وليس المساس بالحياة الخاصة لموظفي الشرطة.
هنا، رأت محكمة النقض أن هذا الاستنتاج خاطئ، حيث قضت، في هذا الصدد، بما يلي:
"En se déterminant ainsi, alors que les bureaux où les fonctionnaires ont été filmés sans leur consentement constituent un local privé, la cour d'appel a méconnu le texte susvisé.
La cassation est en conséquence encourue."
"وبفصلها على هذا النحو، في حين أن المكاتب التي تم فيها تصوير الموظفين دون موافقتهم تشكل مكاناً خاصاً، تكون محكمة الاستئناف قد خالفت النص المذكور أعلاه.
وبالتالي، فإن القرار يستوجب النقض."

❐ المنطوق:
لهذه الأسباب، أصدرت محكمة النقض قرارها القاضي بـ: نقض وإبطال القرار الصادر عن محكمة الاستئناف بدواي بتاريخ 5 أكتوبر 2020، وذلك في جميع مقتضياته. كما أمرت المحكمة بإحالة القضية والأطراف من جديد إلى محكمة الاستئناف بدواي، للبت فيه من جديد بهيئة مغايرة.

هل ترون أن هذا القرار يمكن أن يُحدث تغييراً حقيقياً في سلوك الأفراد والجهات الأمنية في بلداننا المغاربية والعربية، أم أن له خصوصيات لا تنطبق عليها؟ 
يمكنكم إبداء تعليقاتكم حول الموضوع في المكان المخصص لها أسفله!
 لــمـيــن أشــرف
لــمـيــن أشــرف أؤمن بأن الوعي القانوني هو أساس بناء مجتمعات قوية. لهذا، أكرس نفسي كباحث ومختص في الشؤون القانونية والقضائية لتقديم مقالات عميقة وواضحة باللغة العربية. مهمتي هي تمكينك بالمعرفة القانونية اللازمة لتعزيز سيادة القانون في حياتنا اليومية.

إرسال تعليق على: "تصوير موظفي الشرطة بمكاتبهم دون موافقتهم يعتبر مساسا بالحياة الخاصة| محكمة النقض الفرنسية"