إثبات شركة المحاصة في القانون المغربي
تُعدّ شركة المحاصة من العقود التي تتسم بالسِّرية، حيث لا تتمتع بالشخصية المعنوية ولا تتطلب إجراءات تسجيل رسمية[¹]. ومع ذلك، قد تنشأ الحاجة إلى إثبات وجودها خاصة من طرف الشركاء، أما الأغيار فليسوا بحاجة إلى إثبات شركة المحاصة لأسباب سنتولى ذكرها لاحقاً.

أحكام إثبات وجود شركة المحاصة في القانون رقم 5.96
من خلال قراءة المقتضيات القانونية لشركة المحاصة، والواردة في القانون 5.96 المتعلق بشركة التضامن وشركة التوصية البسيطة وشركة التوصية بالأسهم والشركة ذات المسؤولية المحدودة وشركة المحاصة، يمكن الخروج بخلاصة مفادها أن إثبات شركة المحاصة يخضع لنظام الإثبات الحُرِّ أو المَرِن[²]، على النحو الآتي:
إثبات الشركاء وجود شركة المحاصة والبنود المؤطرة لها
يحتاج الشركاء في غالب الأحيان إلى إثبات العلاقات التي تربط بينهم، والقواعد المنظمة لحقوقهم والتزاماتهم، وشروط التسيير، وغرض الشركة، والأنصبة، وكيفية توزيع الأرباح والخسائر وغير ذلك من البنود والشروط التي تضمن في الاتفاقات بين الشركاء.
فإذا كان عقد تأسيس الشركة مكتوبًا، فلا تثور مشكلة الإثبات، أما إذا كان الاتفاق شفويًا، فلا مناص من اللجوء إلى وسائل الإثبات الأخرى.
وقد فتح المُشرع الباب أمام شركاء المحاصة لإثبات وجود الشركة بالإضافة إلى إثبات الأحكام المنظمة لها والتي كانت موضوع اتفاق شفوي بين الشركاء وذلك من خلال تنصيصه على أنه: "... يُمكن إثبات وجودها بكافة الوسائل..."[³].
إثبات الغير وجود شركة المحاصة وعناصرها
لابد من الإشارة بداية إلى أن الأغيار ليسوا بحاجة إلى إثبات شركة المحاصة لعدم تمتعها بالشخصية المعنوية، ولكون هؤلاء لا يرتبطون من الناحية القانونية والواقعية إلا بالشريك أو المسير المحاص الذي تعاقد معهم[⁴]، إلا في حالة الظهور العلني لشريك أو أكثر في معاملة أو أكثر، حيث والحالة هذه يكون لِمَن تمسَّك بهذا الظهور من الأغيار مُطالبا بإثباته وإثبات شركة المحاصة الظاهرة لترتيب الآثار القانونية المناسبة على ذلك.
وهكذا يكفي الغير، لإثبات وجود شركة المحاصة، إثبات الظهور العلني للشركاء في المعاملات، وإثبات هذا الأمر تَنتُج عنه مسؤولية الشركاء مسؤولية تضامنية تجاه الغير المتعاقد معه[⁵].
ويبدو من خلال المقتضيات التي سَنَّها المشرع أن إثبات هذا الظهور غير مُكلِّف بالنسبة للأغيار، حيث نَصَّ على أن شركة المحاصة يُمكن أن تنشأ بفعل الواقع[⁶].
وبالتالي، لا يحتاج الغير إثبات باقي عناصر الشركة من تعدد الشركاء وتقديم الحصة وتقسيم الأرباح والخسائر ونيَّة المشاركة.
وأمام هذا الوضع، لا يبقى للشركاء المحاصين المُحتملين سوى إثبات عكس ما يدَّعيه هؤلاء الأغيار.
وعموما، يبقى إثبات شركة المحاصة في القانون المغربي أمراً مُمكناً، وذلك عن طريق الاستعانة بكافة وسائل الإثبات كالدفاتر والمراسلات والكتابة والشهود والقرائن... سواء كانت شركة المحاصة المُراد إثباتها ذات طابع تجاري أو ذات طابع مدني.
ــــــــــــــــــــــــــــــــ
ミ شكرًا جزيلًا لتفضلك بقراءة هذا المقال. نأمل أن يكون قد أثرى معرفتك وأضاف إليها جديدًا. ندعوك لمشاركة أفكارك وتساؤلاتك في قسم التعليقات أدناه، فرأيك يثري الحوار ويهمّنا جدًا. لا تتردد في مشاركة المقال مع من ترى أنه قد يستفيد منه.
ــــــــــــــــــــــــــــــــ
❏ الهوامش:
¹- أنظر الفقرة 2 و 3 من المادة 88 من القانون 5.96 المُشار إليه في المَتن أعلاه.
²- بالتالي، يمكن القول أن نظام إثبات شركة المحاصة يتوافق مع المبدأ العام للإثبات في الميدان التجاري والوارد في المادة 334 من مدونة التجارة المغربية.
³- أنظر الفقرة 3 من المادة 88 من القانون 5.96 المُشار إليه في المَتن أعلاه.
⁴- أنظر الفقرة 3 من المادة 89 من القانون 5.96 المُشار إليه في المَتن أعلاه.
⁵- أنظر الفقرة 3 من المادة 89 من القانون 5.96 المُشار إليه في المَتن أعلاه.
⁶- أنظر الفقرة 4 من المادة 88 من القانون 5.96 المُشار إليه في المَتن أعلاه.